اتخذ قوم شجرة ’ صاروا يعبدونها , فسمع بذلك ناسكٌ مؤمن بالله ,فحمل فأسا ’ وذهب إلى
الشجرة ليقطعها,
فلم يكد يقترب منها , حتى ظهر له (إبليس ) حاللا بينه وبين الشجرة,
وهو يصيح
به .
مكانك ايها الرجل..لماذا تريد قطعها ؟
لأنها تضل الناس .
وماشأنك بهم ؟ دعهم فى ضلالهم ؟...
كيف ادعهم ,ومن واجبى ان أهديهم ...
من واجبك ان تترك الناس احراراً , يفعلون
مايحبون .
إنهم ليسوا أحرارا ,إنهم يصغوان إلى وسوسة الشيطان ..
أو تريد ان يصغو ا الى صوتك أنت ؟.
أريد ان يصغوا الى صوت الله....
لن ادعك تقطع هذه الشجرة.
لابد لى أن أقطعها.
فأمسك إبليس بخناق الناسك,وقبض الناسك على
قرن الشيطان,وتصارعا طويلا..إلى أن انجلت المعركة عن انتصار الناسك ,فقد طرح
الشيطان على الارض,وجلس على صدره,وقال له:
هل رأيت قوتى؟
فقال ابليس المهزوم بصوت مخنوق:
ماكنت أحسبك بهذه القوة,دعنى, وافعل
ماشئت.
فخلى الناسك سبيل الشيطان ,وكان الجهد
الذى بذله فى المعركه قد نال منه فرجع إلى صومعته,واسترح ليلته ..
فلما كان اليوم التالى حمل فأسه,وذهب يريد
قطع الشجرة وإذا بإبليسيخرج له من خلفها صائحا:
أعدت اليوم أيضا لقطعها ؟
قلت لك لابد لى من ان اقطعها.
أو تظنك قادرا على أن تغلبنى اليوم ايضا؟
سأظل اقاتلك حتى أعلى كلمة الحق
أرنى إذن قدرتك
وأمسك بخناقه,فأمسك الناسك بقرنه,وتقاتلا
وتصارعا,إلى أن أسفرت الموقعة عن سقوط الشيطان تحت قدمى الناسك , فجلس على صدره
,وقال له:
ماقولك الآن فى قوتى ؟
حقـــا ــــ إن
قوتك لعجيبة, دعنى وافل ماتريد .
لفظها الشيطان بصوته المتهدج المخنوق, فأطلق الناسك سراحة,وذهب الى
صومعته واستلقى من التعب والاعياء,حتى مضى الليل,وطلع الصبح,فحمل الفأس,وذهب الى
الشجرة فبرز له ابليس صائحا فيه:
ألن
ترجع عن عزمك أيها الرجل؟
أبدا... لابد من قطع دابر هذا
الشــــــــر
أتحسب أنى اتركك تفعل ؟
إن نازلتنى فإننى سأغلبك , فتفكر إبليس
لحظة,ورأى أن النزال والقتال والمصارعة مع هذا الرجل لن تتيح له النصر عليه,فليس
أقوى من رجل يقاتل من اجل فكرة او عقيدة
...
ما من باب يستطيع ابليس ان ينفذ منه الى
حصن هذا الرجل غير باب واحد.الحيلة,فتلطف,وقال له بلهجة الناصح المشفق.
أتعرف لماذا اعارضك فى قطع هذه الشجرة؟إنى
مااعارضك إلا خشية عليك ورحمة بك,فإنك بقطعها ستعرض نفسك لسخط الناس من عبادها,
مالكوهذه المتاعب تجلبها على نفسك...؟ اترك قطعها,وأنا اجعل لك فى كل يوم دينارين
تستعين بهما على نفقتك,وتعيش فى أمن وطمأنينة,وسلامة
دينارين؟
نعم فى كل يوم..تجدهما تحت وسادتك فأطرق
الناسك مليا يفكر ثم رفع رأسه,وقال لأبليس:
ومن يضمن لى قيامك بالشرط؟
أعاهدك على ذلك , وستعرف صدق عهدى.
سأجربك.
نعم جربنى.
اتفقنا.
ووضع ابليس يده فى يد الناسك وعاهدا
وانصرف الناسك الى صومعته وصار يستيقظ كل صباح ويمد يده ويدسها تحت وسادته فتخرج
دينارين حتى انصرم الشهر وفى ذات صباح دس يده تحت
وسادته فخرجت فارغة فقد قطع ابليس عنه فيض الذهب فغضب الناسك ونهض فأخذ
فأسه وذهب الى قطع الشجرة فاعترضه ابليس فى الطريق وصاح فيه
مكانك.. الى أين؟
إلى الشجرة.. اقطعها
فقهقه الشيطان ساخرا
تقطعها لأنى قطعت عنك الثمن؟
بل لأزيل الغواية وأضئ مشعل الهداية.
أنت؟
أتهزأ بى ايها اللعين؟
لا تؤاخذنى ... منظرك يثير الضحك
أنت الذى يقول هذا ايها الكاذب المخاتل
وانقض الناسك على ابليس وقبض على قرنه
وتصارعا لحظة وإذا المعركة تنجلى عن سقوط الناسك تحت حافرابليس فقد انتصر وجلس على صدر الناسك مزهوا مختالا يقول له:
اين قوتك الان ايها الرجل؟
فخرج من صدر الناسك المقهور صوت كالحشركة
يقول:-اخبرنى كيف تغلبت ايها الشيطان
فقال ابليس:
لما غضبت لله غلبتنى ولما غضبت لنفسك غلبتك .... لما قاتلت لعقيدتك صرعتنى ولما قاتلت لمنفعتك صرعتك
.......................
وهكذا هى الدنيا صـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــراع
بين الانسان والشيــــــــــطان
قال ابن القيم رحمه الله:القلب يمرض كما يمرض البدن، وشفاؤه في التوبة والحمية، ويصدأ كماتصدأ المرآة، وجلاؤه بالذكر، ويعرى كما يعرى الجسم، وزينته التقوى،
ويجوع ويظمأ كمايجوع البدن، وطعامه وشرابه
المعرفة، والتوكل، والمحبة،والإنابة.